إن إضافة كلمة “مُباشرة” (Direct) أو “خاصّة” (Private) عند الترويج لميزة الرسائل داخل تطبيقات مثل تويتر أو فيسبوك مسنجر لا يُقصد به سوى الإشارة إلى النوع لأن الرسائل في تلك التطبيقات، وفي غيرها بطبيعة الحال، تتم قراءتها لتقديم أدوات أفضل تارة، أو لعرض إعلانات أفضل تارة أُخرى(1). الأمر نفسه ينطبق كذلك على الرسائل داخل تطبيقات المحادثة الخاصّة بالعمل، ومنها “سلاك” (Slack)، التطبيق الذي أتاح للمُديرين قراءة الرسائل والمحادثات المُباشرة بين الموظّفين دون علمهم، ناسفا هو الآخر خصوصية الرسائل مثله مثل البقيّة(2).
تلتزم الشركات التقنيّة بالشفافيّة القصوى عند كتابة اتّفاقيّات الاستخدام، وهذا لتجنّب المُلاحقة القانونيّة من جهة، ولإيمانها بأن المُستخدمين لا يقرؤونها من جهة أُخرى. لذا، وفي حالة وجود أي اختراق لخصوصيّة المُستخدم، ستلجأ الشركة فورا إلى اتّفاقية الاستخدام الخاصّة بها وتؤكّد وجود بند يشرح هذه النقطة، لتقع المسؤولية على المُستخدم في نهاية المطاف.
“سلاك” بالأساس هو تطبيق للمحادثات الفورية ولتبادل الملفّات، وإجراء المُكالمات كذلك، بين أعضاء فرق العمل في الشركات على اختلاف أحجامها. وما يُميّزه عن غيره هو دعمه لمجموعة كبيرة جدا من الإضافات مع توفّر تطبيقات لجميع الأجهزة، بحيث يضمن المُستخدم تجربة استخدام واحدة أيا كان جهازه. أما عن آلية العمل، فلكل شركة مساحة خاصّة (WorkSpace) يقوم المُدير بإضافة الموظّفين لها، وتجري المحادثات فيها ضمن قنوات (Channels) تكون عامّة يُمكن لأي شخص فيها قراءة الرسائل، مع توفير إمكانية تبادل الرسائل “الخاصّة” بين شخصين أو أكثر ضمن نافذة مُنفصلة تماما.
|
التطبيق لم يكن أول من قدّم تلك المزايا، لكن توفير بعض التأثيرات الحركية واللونية المُميّزة، وإمكانية ربطه مع تطبيقات أُخرى مثل إعادة نشر أي رسالة بريدية يحصل المُستخدم عليها، أو إرسال رسالة نصيّة قصيرة عند وجود تنبيهات جديدة داخل أي قناة، جعل التطبيق مُفضّلا للجميع خصوصا أن الاشتراك المجاني يُتيح إنشاء مساحة خاصّة تتّسع لـ 300 شخص تقريبا. إلا أن الشركة أخفت -عن دون قصد- إمكانية الوصول للرسائل الخاصّة في أي وقت من قِبل المُدير دون إخطار المُستخدمين بهذا الأمر.
وفّر “سلاك” ما يُعرف بتقرير الامتثال (Compliance Report)، وهو عبارة عن طلب يُقدّمه المُدير لشركة “سلاك” يشرح لهم السبب وراء رغبته في الحصول على هذا التقرير الذي يحتوي على جميع الرسائل، الخاصّة والعامّة، ضمن ملف واحد، وهذا من مُنطلق أن “سلاك” تُخزّن الرسائل على خوادمها وتحتاج إلى توفير أداة تُتيح لأصحاب القنوات ومساحات العمل الحصول على تلك البيانات لتخزينها على خوادمهم الخاصّة.
أثار اكتشاف هذه الميزة في 2017 الكثير من الضجّة إعلاميا، لتلجأ الشركة وقتها لاتّفاقيّة الاستخدام التي تُشير إلى هذا الشيء بشكل صريح. وكنوع من كرم الأخلاق، أكّدت أنها ستبدأ بإخطار المُستخدمين عندما يتقدّم مُديروهم بطلب للحصول على التقرير. كما وعدت كذلك بتوفير الرسائل ابتداء من تاريخ الطلب، عوضا عن توفير جميع الرسائل مثلما كان الحال عليه سابقا.
ولزيادة الطين بِلّة، توفّر الشركة واجهة برمجية باسم (Discovery API) تُتيح قراءة جميع الرسائل في أي وقت، ودون الحاجة إلى تقديم طلب للقائمين على “سلاك”، فإمكانية استخدام تطبيقات خارجيّة مع “سلاك” سلاح ذو حدّين، حدّه القاتل هو ربط أداة تقوم بأرشفة جميع الرسائل أولا بأول وتخزينها على خوادم أُخرى لا يعلم المُستخدم بوجودها(2)(4). بكل تأكيد يُمكن الاطلاع على الأدوات المُرتبطة بمساحة العمل من خلال التوجّه إلى التطبيقات (Apps) للاطلاع على قائمة التطبيقات المُتّصلة والصلاحيات التي تمتلكها، وهنا يُمكن التأكّد من وجود أداة للأرشفة من عدمها.
صحيح أن القائمين على “سلاك” حملوا على عاتقهم مسؤولية إخطار مُستخدمي أي مساحة عمل عندما يتم التقدّم بطلب للحصول على جميع الرسائل، إلا أنهم وفّروا في ذات الوقت أداة أسهل للحصول على نسخة من البيانات في أي وقت تُعرف باسم (Export Tool)(3).
تعمل الأداة الجديدة -إلى حدّ ما- بطريقة عمل تقرير الامتثال نفسها، إلا أن الفرق هنا يكمن في إمكانية استخدام الأداة في أي وقت دون إخطار المُستخدمين. كما امتنعت الشركة عن الرد على تساؤلات المُستخدمين حول شروط قبول، أو رفض، أي طلب مُقدّم لاستخدام تلك الأداة(2). بمعنى آخر، تأتي الأداة الجديدة لتسهيل إمكانية قراءة الرسائل طالما أنها موجودة، سواء كانت خاصّة أو عامّة.
بعبارة أُخرى، يُمكن التشديد على أن الرسائل الخاصّة في “سلاك” ليست خاصّة أبدا، ويوجد أكثر من طريقة لقراءتها دون علم المُستخدم، لذا يُفضّل الانتقال لأدوات أُخرى للتواصل الفوري مثل “سيغنال” (Signal)، أو “آي مسج” (iMessage) في أجهزة آبل الذكيّة. كما يُمكن اللجوء لتطبيقات أُخرى مثل “واتس آب” و”تيليغرام”، وهذا لتقليل احتمالية وصول المُديرين إليها في حال كانت الحوارات قد تؤثّر سلبا على الموظّف.
بدائل أُخرى تتوفّر عوضا عن “سلاك”(5)، فشركة مايكروسوفت دخلت سوق المحادثات الفوريّة وتبادل الملفّات في الشركات عبر تطبيق “تيمز” (Teams) الذي يتميّز بدعمه لحزمة أوفيس كاملة، وتستفيد الشركة فيه من تقنيات “سكايب” لإجراء المُكالمات الصوتية والمرئية والاجتماعات بجودة عالية جدا. غوغل هي الأُخرى توفّر تطبيق “هانغ آوتس” (Hangouts) كأداة للتواصل وتبادل الملفّات في الشركات، بالإضافة إلى إجراء المُكالمات بجودة عالية أيضا. أخيرا، من بين الشركات الكُبرى، يتوفّر تطبيق “ويب إكس” (WebEx) من شركة “سيسكو” (Cisco)، التطبيق الذي يُتيح مزايا أسلافه نفسها تقريبا.
وبعيدا عن حلول الشركات الكُبرى يُمكن الاعتماد على حلول مثل “فليب” (Fleep) الذي يأتي بواجهات “سلاك” نفسها ويوفّر إمكانية ربطه مع البريد الإلكتروني لدمج الرسائل والمهام في مكان واحد دون الحاجة إلى الانتقال من تطبيق لآخر. أما “فلوك” (Flock)، فالقائمون عليه يُشيرون بشكل مُباشر إلى كونه بديلا لـ “سلاك”، وهذا من ناحية الخصوصيّة، وعدد المُستخدمين المجانّيين، إضافة إلى الاشتراكات الشهريّة للراغبين بالحصول على المزايا الكاملة.
Do you start each day with a 'stand-up meeting'? or 'daily pair calls' that help your remote employees connect? The folks at @Zapier and @buffer do & we've got insights into how they run effective teams by working remotely! https://t.co/tG9ABpV6hz#RemoteTeams #WFH #RemoteWorking pic.twitter.com/9gYUMLe999
— flock (@Flock) January 9, 2019
“هل يُمكن الوثوق بتطبيق “سلاك” وبدائله؟” سيبقى سؤالا دون إجابة صريحة بشكل كامل، فكل شركة ستحاول إخفاء مآربها ضمن اتفاقيات الاستخدام، فإلى جانب نموذجها الربحي من الاشتراكات الشهرية، قد تسعى أيضا لتحليل سلوك فرق العمل من أجل ابتكار أدوات جديدة مُفيدة أكثر، إلا أن ثغرة واحدة قد تأخذ تلك البيانات إلى طريق آخر يشعر المُستخدم فيه أن مُحادثاته أصبحت في مهبّ الريح.
ودك يوصلك كل جديد :
• تابعنا على التيلجرام اضغط هنا
• تابعنا على تويتر اضغط هنا