تشهد أروقة المحاكم في المملكة، قضايا مختلفة فيها مُدانين يتم الحكم عليهم وكذلك ضحايا يتعرّضون إلى الاحتيال والنصب منهم من يستسلم ومنهم من يواجه.
وفي هذ الإطار، تعرّضت عددًا من المعلمات إلى عمليات احتيال متشابهة، إذ كان المتهم يأخذ أوراقهم الرسمية كبطاقة الأحوال المدنية وخطاب تعريف بالراتب والحصول على توقيعهن، ومن ثم يُزور تلك الأوراق ويستخرج قرضًا من أحد المصارف بأسمائهن بالأوراق المزورة، وتتفاجأ المعلمة بأن عليها قرض وتضطر لسداده.
وتبدأ عملية الاحتيال عبر إعلان في الجرائد عن شركته ” الوهمية ” التي تقوم بسداد الديون مقابل نسبة للشركة، ومن ثم تذهب إليه المعلمة وتعطيه بطاقة الأحوال المدنية الخاصة بها وخطاب تعريف بالراتب، ثم يحصل على توقيع منها على عددًا من الأوراق منها أوراق بيضاء، إذ يقوم بابتزازها وتهديدها بتلك الأوراق فيما بعد.
ووقعت إحدى المعلمات ” متهمة في القضية ” ، في عملية النصب هذه، حيث طلب من المتهم هذه الاوراق إضافة إلى كرت العائلة وبطاقة الصراف الآلي، وفوجئت بأنها أخذت قرضًا دون علمها وعندما ذهبت إلى المصرف علمت أن الشركة المذكورة هي التي أخرجت القرض، وذهبت إلى مركز شرطة العزيزية فطلبوا منها بعد المعلومات عن الشركة، وبعدها بفترة قرأت في الصحف خبر القبض على هذا الشخص، ثم ذهبت لتقديم شكوى ضده في جدة.
لكن المعلمة وقعت في فخ هذا الرجل، عندما اتصل بها وهددها بالأوراق البيضاء التي وقعت عليها من قبل، وكذلك هددها ببيع منزل الورثة الذي تعيش فيها عائلتها، وعرض عليها أن تستخرج قرضًا باسمها وذلك أكثر من مرة وتُسلمه لشخص ثالث ” متهم في القضية ” ، حتى قام المصرف بالحجز على راتبها.
بعد ذلك طلب منها صورتها الشخصية،ومقابلة الشخص الثالث في جدة، وأخذت منه عدة أوراق مزورة لإحدى المعلمات وعليها صورتها الشخصية، حتى تستخرج قرضًا باسمهن، وخضعت المتهمة لهذا الأمر خوفًا من التهديد والفضيحة.
وكررت المتهمة هذا الفعل أكثر من مرة ويفصل بين المرة والأخرى شهور معدودة، حتى تم القبض عليها في إحدى المرات.
وتبيّن في تحقيقات النيابة، أن المتهم كان يدير تلك العمليات من السجن، وكان يحصل على توقيع ضحاياه من خلال الشركة التي أعلن عنها، فيما أقرت المتهمة بتفاصيل الجرائم التي قامت بها مع المتهم.
واعترفت أنها كانت تأخذ ظرف فيه الأوراق المزورة من الشخص الثالث ويُرسل لها المتهم الأول طريقة توقيع الضحية التي يعرفها مسبقًا من خلال الأوراق التي يجعلهن يوقعن عليها، وتدخل إلى المصرف لتأخذ القرض وتوقع على أوراقه ثم تخرج وتعطي الأموال كلها إلى هذا الشخص.
وتضاربت أقوال المتهم الأول ” مدبر عمليات الاحتيال ” ، وكذلك تضاربت أقوال المتهم الثالث وهو الشخص الذي كان يُسلم ويستلم، إلا أن المحكمة تمكنت من كشف اللغز من خلال تطابق أقوال المتهمة والضحايا.
طلب الزواج من الضحية للحصول على توقيعها..
كما حصل المتهم الأول على توقيع إحدى ضحاياها بطريقة استثنائية، حيث تضمنت أقوال المعلمة ” الضحية ” ، أنها لا تعرف المتهم، وبعرض التوقيع الذي سبق للمتهمة الثانية إثباته لدى المصرف عند محاولة انتحال شخصيتها، أكدت بأن هذا التوقيع سبق أن قامت بتزويده لشخص اتصل بها، وطلب الزواج منها ولم يتم الأمر.
وأوضحت الضحية،أنه سبق وأن قامت بوضع رقم هاتفها لدى إحدى الخطابات، وبعد فترة اتصل بها شخص وأخبرها بأنه يرغب بالزواج منها وأنه تحصل على رقمها من إحدى الخطابات، فأخبرته بأنه يمكنه التقدم بصورة رسمية عند عودة أشقائها من السفر، وبعد عدة اتصالات طلب منها صورة هويتها ليقوم بتجهيز الأوراق المتعلقة بالفحص المبكر قبل الزواج، وكذلك طلب منها بياناتها البنكية لغرض تحويل مبلغ مالي لها على حسابها لإثبات حسن نيته، وأخيرا طلب منها توقيعها المعتمد لدى الجهات الحكومية ليقوم بوضعه على أرضية المسبح الخاص بالفيلا التي سيقوم ببنائها لها عند الزواج.
وأكدت أنه بحسن نية منها صدقته وزودته بصورة هويتها الوطنية وبياناتها البنكية وتوقيعها باللغتين العربية والإنجليزية عن طريق إرسالها له ببرنامج الواتساب، فتبين أنه نفس التوقيع الذي أرسله المتهم الأول للمتهمة الثانية عند مراجعتها للبنك.
وعند حصوله على ما كان يرغب فيه قام باختلاق المشاكل معها فأنهت التواصل معه وغيّرت رقم جوالها مباشرة، مشيرة إلى أنه من ضمن الأشياء التي طلبها عنوان منزلها واسم المدرسة التي تعمل بها وعنوانها.
وكذلك اعترفت المدعيات أنهن اضطررن إلى سداد القروض التي سٌحبت بأسمائهن، وكن يكتشفن الأمر بعد إرسال رسائل لهن من المصارف، ما جعلهن يدركن الفخ الذي وقعن فيه وتقديم شكوى في جدة ضد المتهم.
وثبت لدى الدائرة، تلبُّس المتهم الأول والثانية بما نسب إليهما، بأن الهويات مزورة وخطابات التعريف بالراتب كذلك مزورة،وبناء على اعتراف المتهمة بالجرائم وهي بكامل أهليتها حتى وإن كان ذلك تحت تهديد فهذا لا يعفيها من المسؤولية وفقًا للقانون.
كما ثبت اعتراف المتهم الأول بعلاقته بالمتهمة وعدم معرفة المتهمة بالمعلمات الشاكيات، ما يؤكد أن عمليات الاحتيال تمت بمعرفة المتهم الأول، وذلك بالإضافة إلى تطابق أقوال المتهمة مع أقوال المعلمات.
وبالنسبة للمتهم الثالث، فثبت عدم معرفته بما كان يُسلمه إلى المتهمة من أوراق مزورة، وأنه ليس شريكًا للمتهم الأول في مؤسسته وكذلك عدم توجه إرادته للفعل المجرم عامدًا قاصدًا ذلك.
وقضت المحكمة بإدانة المتهم الأول والمتهمة الثانية بما هو منسوب إليهما في القضية من تزوير واستعمال ومعاقبتهما بسجنهما لمدة سنتين تحسب منها مدى الإيقاف على ذمة القضية..، وكذلك تغريم كل منهما بـ 5000 ريال، فيما قضت بعدم إدانة المتهم الثالث الذي كان يُسلم الأوراق ويستلم الأموال.
وبحسب ما جاء في مدونة الأحكام والمبادئ والجزائية بديوان المظالم فقد أيّدت محكمة الاستئناف الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.
ودك يوصلك كل جديد :
• تابعنا على التيلجرام اضغط هنا
• تابعنا على تويتر اضغط هنا