تزايدت المطالبات في الآونة الأخيرة بحظر لعبة «ببجي» أسوة بدول عربية أخرى كالعراق والأردن، ففيما يخشى المطالبون بالحظر من آثار اللعبة على الأطفال، يقول الفريق الآخر إن اللعبة لا تُشكل خطرًا على الكبار والبالغين.
من جانبه، أوضح المختص بعلم النفس السيبراني يوسف السلمي، لـ«عاجل»، رأيه في تأثير لعبة «ببجي»، على «مدمنيها» قائلًا: إن «تفاعل الإنسان مع محيطه ينتج عنه سلوك جديد يتعلمه الفرد وفق مبدأ النمذجة والمحاكاة والتقليد. وهنا تتجلى خطورة ما يتابعه أبناؤنا وما يمارسونه ويحاكونه من أساليب العنف في الألعاب والأفلام».
وتابع: أن «سلوك العدوان سلوك إجرائي مكتسب متعلَّم من البيئة وليس سلوكًا استجابيًّا فطريًّا يولد مع الإنسان؛ فعلى سبيل المثال، مشاهدة مناظر العنف أو ممارسة الألعاب العنيفة تولد سلوكيات تنطوي على الشدة والعدوانية، وحتى لو لم يظهر هذا السلوك في حينه، فإنه يظل موجودًا في العقل الباطن ويظهر لاحقًا، وهذا ما نطلق عليه التعلم الكامن».
وأوضح السلمي أنه سبق وطالب بحظر هذه اللعبة وغيرها من الألعاب القتالية العنيفة التي تعتمد على الإثارة والتشويق والتعزيز الداخلي؛ ما ينتج عنه اكتساب السلوك العنيف والاعتماد النفسي على بيئة افتراضية للشعور بالسيطرة والقوة، وهو ما يؤدي بنهاية المطاف إلى قصور في المهارات الاجتماعية، وخلل في الحياة الطبيعية للفرد».
وأكد أنه مع ظهور ثورة التقنية والإنترنت والانفجار المعلوماتي في الفضاء السيبراني، أصبحت البيئات الافتراضية مصدرًا من مصادر التعلم والتفاعل وظهور استجابات مماثلة للاستجابات في البيئات الحقيقية.
وأوضح أنه يؤثر العالم الافتراضي سواءً كان متمثلًا في شكل شخصيات أو ألعاب إلكترونية على مشاعر وأفكار وسلوك البشر وفق مبادئ المحاكاة والتقليد، والتي هي أحد أساليب وطرق التعلم، وهذا ما تؤكده «نظرية التعلم الاجتماعي» في علم النفس.
وأكمل السلمي: «ولمَّا كان الإنسان كائنًا اجتماعيًّا يتفاعل مع بيئته الاجتماعية والافتراضية والمادية فإنه يتأثر ويتفاعل مع الوسط المحيط به، وينتج عن هذا التفاعل سلوك جديد. فتفاعل الإنسان مع البيئة أشبه ما يكون بالتفاعل الكيميائي عندما ينتج عن تفاعل عنصرين أو أكثر مادة جديدة تمامًا».
وقسَّم السلمي الأخطار التي تنطوي عليها الألعاب العنيفة إلى قسمين: إدمان الألعاب الإلكترونية، واكتساب السلوك العنيف.
وعن الفئات التي يمكن أن تتأثر بالألعاب العنيفة أكثر من غيرها قال السلمي: «خطورة اكتساب السلوك العنيف وتقليده ومحاكاته لا تظهر على كل البشر بنفس الدرجة؛ فالبالغون أقل تعلمًا لمثل هذه السلوكيات العنيفة وذلك يعود إلى امتلاكهم مهارات تفكير أكثر تقدمًا من الأطفال والمراهقين، ويستطيعون التفريق بين الصواب والخطأ، وإصدار الأحكام الذاتية، وتقويم الظواهر بالاستناد إلى معايير ثابتة، وتخيُل أنفسهم مكان الآخرين والدراية بالأنظمة والقوانين وعدم تجاوزها».
«أما بالنسبة للأطفال والمراهقين والمضطربين نفسيًّا من البالغين، فإنهم يتعلمون أساليب جديدة للعنف، وقد يحاكون ما يمارسونه في العالم الافتراضي في أرض الواقع؛ لإرضاء رغبات العنف والإيذاء، وهذا ما تحفزه الألعاب القتالية التي تربط طرديًّا بين زيادة المتعة وبين المزيد من القتل والعنف والتدمير».
ويمضي السلمي في حديثه: «البالغون الأسوياء يلعبون الألعاب القتالية الإلكترونية بدافع التسلية والمتعة ولا يهتمون بالتحذيرات؛ لأنهم يفكرون برتبة أعلى من الأطفال والمراهقين والمضطربين. ومن لديه دوافع عدوانية قد يُحاكي هذه اللعبة أو تلك».
واستدرك بالقول: «ورغم ذلك تبقى مشاهد العنف والاعتداء خطرًا يداهم البالغين ويرفع من مستوى القلق والتوتر والإجهاد العقلي لديهم. كل هذا بالإضافة إلى المخاطر الجسمية المعروفة على الرقبة والعمود الفقري وقوة الإبصار».
وحول الحلول وسبل مواجهة هذه الظاهرة أوضح السلمي «أن تعليم الأبناء مهارات التفكير الناقد هو من أول أساليب مواجهة أخطار البيئات الافتراضية؛ حيث يتعلم أبناؤنا قبول أو رفض المظاهر السلوكية التي أمامه بناء على قواعد منطقية، وتصدر أحكام ذاتية بناء على ثوابت دينية وقانونية وثقافية واجتماعية».
وأضاف: «هذا ما دعا وزارة التعليم إلى الاتجاه لتعليم الطلاب مهارات التفكير الناقد وتدريسها في مناهج المرحلة الثانوية، لكي يتعلم الطالب عدم الانقياد والتقليد وأن يستعين بالتحليل والحوار والبحث عن الصواب وأن تكون لديه القدرة على تحديد المشكلات وحلها، وتقديم العقل على العاطفة».
ودك يوصلك كل جديد :
• تابعنا على التيلجرام اضغط هنا
• تابعنا على تويتر اضغط هنا