سألته: لماذا لا تزور مدارس أبنائك؟ فقال بلسان عفوي يقطر ألمًا ومعاناة: "ماني فاضي لهم، أنا بلشان أدور لهم العيشة"!
بهذا المنطق تتعامل معنا مؤسسة التقاعد، "الأب الرسمي لجميع متقاعدي الحكومة".. نحن نطالبها بأشياء كثيرة والمؤسسة تردد: "هالعيشة ماهي عيشة، حنا نستثمر لكم ونبني الأبراج وأنتم أشغلتمونا بالكماليات"!
واستخدمت الضمير "نا" في قولي: "تتعامل معنا" لأنني أحب المتقاعدين وأصبحت منهم!
هذه الصحيفة الغراء، نشرت خبرًا ضاع وسط زحمة الأخبار، يقول: كشفت مؤسسة التقاعد أن بعض مستفيدي خدماتها غير راضين عن الخدمات التي تقدمها لهم!
المؤسسة العملاقة تقول إنها تجري دراسة سنوية لقياس مدى رضا المتقاعدين، وأن نتائج الدراسة ذاتها التي تمت العام الماضي أوضحت أن مستوى الرضا المتحقق بلغ 87%!
في الأمثال الشعبية يقال "وش درّاك إنها كذبة؛ قال من كبرها".. أمضيت ستة أشهر منذ أن تركت الوظيفة الحكومية.. لم يرد لي أي اتصال، أو استفسار، أو استبيان من مؤسسة التقاعد.. وسائل الاتصال والتواصل كلها معلنة ومكشوفة.. لم يرد لي أي شيء يشعرني أنني أحد عملاء هذه المؤسسة!
لم يخبرني أحد ماهي واجبات المؤسسة تجاهي.. ما الذي تقدمه لي، وما الذي يعجبني، وما هي تطلعاتي وآمالي، التي انحدرت لتبلغ الحلم بالحصول على "بطاقة" أقدمها لمكاتب تأجير السيارات!
الموضوعات التي تتناول شؤون المتقاعدين أصبحت موضوعات مملة.. ولا يقرؤها غالباً سوى المتقاعدين والمتعاطفين معهم، ومصحح الصحيفة!
لابد أن يفهم موظفو المؤسسة العامة للتقاعد أنهم يشرّعون لأنفسهم بعد سنوات قليلة.. يرسمون الطريق التي سيسيرون عليها بعد تقاعدهم! وما زلت -كمتقاعد رسمي على الورق- أرجو من معالي رئيس المؤسسة العامة للتقاعد، أن يقرأ كيف يعيش المتقاعد الياباني حياته اليوم، ليدرك كم هي قاسية جداً حياة المتقاعد السعودي!